الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه ونعوذ بالله من شـرور أنفـسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشـهد أن لا الـه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم تسليما، وبعد : ليس من قبيل المصادفة أن تحتل مشكلة الأصالة و المعاصرة مكانة رئيسية في الفكر العربي المعاصر، و في هذه المرحلة الشديدة الالتباس في حياة العرب، وخاصة أن تطرح في إطار وضع تاريخي عالمي مختلف، قائم على الاستقطاب و الأحادية، جعل شعاره صدام الحضارات، بهدف إقصاء الهويات الحضارية والخصوصيات التي تشكل إحدى سمات عصرنا الراهن، وتعكس تفاوتا حضاريا بين الأمم، بين من يسهمون فيها و يعيدون إنتاج هذه الحضارة، و من يقفون في مستوى حدود استهلاك جهود و ثمرات من انتجوا هذه الحضارة – إنها بكلمة واحدة الحضارة الغربية التي تأسست على العلم و العقلانية و التنوير و الديمقراطية, إنها الأسس التي تشكل البعد الثقافي و الحضاري لهذه الحضارة, غير أن البعد الاقتصادي و السياسي و الثقافي لهذه الحضارة، بخاصة في شكلها الرأسمالي، أي ما يسمى حاليا بالعولمة و الهيمنة، إلا أن مظاهر العولمة العلمية فالتكنولوجية أدت إلى هيمنة ثقافية شاملة للآخر المتقدم، فنتج عن هذا الوضع تساؤل كبير عن مصير الخصوصيات الثقافية و الحضارية، أدى إلى مواقف متباينة, هناك من يدعو إلى التكيف مع مقتضيات المرحلة الجديدة, على الرغم من الآثار التي قد تتركها على الهوية و الخصوصيات الثقافية، و غيره مما يدعو إلى الوقوف ضدها والقطيعة معها، بل مع العصر بكامله. إن المشكلة لا زالت موضع نقاش متباين و في معظم الأحيان متقابل بين التيارات الفكرية العربية المعاصرة و هذه القضية ليست جديدة أو طارئة على الفكر العربي ! لقد شغلت العرب و الفكر العربي منذ صدمة الحداثة أو ما اصطلح على تسميته بعصر النهضة العربية في منتصف القرن التاسع عشر، و في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة في تاريخ العرب الحديث، اكتشف الفكر العربي الآخر المتقدم و اكتشف معه ذاته فوجدها تعاني التأخر و الركود و جمود العقل و لقد كان من المفكرين الذين تناولوا هذه القضية ””الإمام عبد الحميد بن باديس”” الذي عدَّ من أبرز الرواد المهتمين بالدعوة إلى التراث الفكري والمعاصرة أو الأصالة و المعاصرة، و علاوة على المساجلات الفكرية و الأدبية مع دعاة التغريب التي تعد إسهاما مهما في أسلمة الثقافة و الفكر و التربية في أجندة المفكرين الإسلاميين. |