Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الريف في بلاد الشام من
( 1099 م إلى 1192م / 492 هـ إلى 588 هـ )
الناشر
البنات/التاريخ
المؤلف
صلاح الدين عبد المنعم السيد على
تاريخ النشر
2007
عدد الصفحات
287
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 290

from 290

المستخلص

أدى زرع الكيان الصليبي في منطقة بلاد الشام لمزيد من التفاعل والصراع مع الجبهة الإسلامية ، وخلال فترة الدراسة تحرك ذلك الصراع ما بين الاحتدام والفتور ، وانعكس ذلك على المساهمة في تشكيل مجموعة من التحديات أمام كل جبهة ، ولمواجهة تلك التحديات كان لابد من الاعتماد على عدة أدوات لتحقيق الاستجابة الملائمة ، ويتصدر الريف تلك الأدوات ، ونستطيع أن نرصد الخبرة التي اكتسبتها كل جبهة في إدارة الريف لمواجهة طبيعة الصراع المتغيرة ، في عدة مستويات مختلفة منها العسكرية والاقتصادية وكذلك الإفرازات ا لاجتماعية ، وكان لتدعيم تلك الاستجابة ظهور مجموعة من العلاقات كان محورها الريف ، وذلك لمواءمة الريف لخدمة مصالح كل جبهة لأقصى درجة .
مثلت عملية زرع الكيان الصليبي أكبر تحدى واجه الصليبيين ، فكانت الاستجابة في الاستقطاع التدريجي للأرياف الإسلامية وارتبط ذلك بمدى نشاط الأداة العسكرية ، ثم انتقل الصليبيون لنوع آخر من التحديات وهو كيفية إدارة الاقطاعات عامة والريفية خاصة ، فكانت الاستجابة التي تمثلت في الظهور التدريجي للقنوات الشرعية التي أقرها الصليبيون فيما بينهم في بلاد الشام لإدارة تلك الأرياف ، ففي الفترة الباكرة من الوجود الصليبي ارتسمت قناة رئيسية نفذت من خلالها بعض الأطراف الصليبية لإدارة الريف ، تمثلت في ” قانون الغزو ” law of conquest ، كما كان لتولي الحاكم الصليبي ، أو ظهور الملكية أن ارتسمت قناة شرعية أو أساسية لإدارة الأرياف تمثلت في سياسية (المنح ) للإقطاعات عامة والريفية خاصة ، وحينما تسربت الإقطاعات لكبار السادة الإقطاعيين ، تحولوا هم أيضاً لمانحين ، ثم تحركت واتسعت العلاقة بين المانح والممنوحين على مستويات مختلفة . كما ساهم ” قانون الوراثة ” وخاصة توريث الأناث في رسم قناة شرعية جديدة لإدارة الإقطاعات الريفية تمثلت في ” سياسة الزواج ” من الوريثات أو الأرامل ، فمكن ذلك فرسان الغرب الأوروبي من إدارة الأرياف ، وبالتالي ترتيبهم في الهرم الإقطاعي في بلاد الشام .
ساهمت تلك القنوات الشرعية في تعدد ونفاذ الأطراف الصليبية المتعددة لإدارة بعض أرياف بلاد الشام . ولكن ازدياد عبء الصراع العسكري بين الجبهتين الإسلامية والصليبية ، ساهم في إظهار مدى ضعف بعض الإدارات الصليبية ، فكانت الاستجابة في ظهور قناة جديدة تمثلت في عملية ” البيع والشراء ” ، فساهم ذلك في تمكين الطوائف أو الفئات الصليبية الأقوى من إدارة المزيد من الأرياف ، وانعكس ذلك على المزيد من ثراء تلك الطوائف وخاصة فرق الفرسان الرهبان ، كما ساهم في تحقيق المزيد من استغلال الريف وبالتالي اكتساب الخبرة .
بذلك يمكننا القول أن المؤثر في تحريك معيار القوة بين الجبهتين هو حجم ما تملكه وتديره كل جبهة من الأرياف ، لذلك وعت الجبهة الإسلامية تلك النتيجة ، وحينما وجدت أن ما تبقى من أرياف إسلامية ممزقة في بلاد الشام لا يوفر الدعم الاقتصادي والعسكري اللازم لاستقطاع واسترداد باقي أرياف الشام من الجبهة الصليبية ، لذا اهتم قادة الوحدة الإسلامية بضرورة الاعتماد بل وتوحيد الأرياف الإسلامية خارج نطاق بلاد الشام ، وهو ما تم تدريجياً حتى اكتمل توحيد أرياف مصر وبعض أرياف الشام والعراق تحت قيادة القائد صلاح الدين الأيوبي ومحاولة إدارتها اقتصادياً وعسكرياً لاسترداد باقي الأرياف من الجبهة الصليبية